الأربعاء، 25 يوليو 2012

#SOS 21 - الفرق بين تعليم مصر وأوروبا

بقلم : أحمد عبد الحميد .. بكالوريوس هندسة إتصالات و إلكترونيات - جامعة الإسكندرية
ماجيستير أنظمة مدمجة و إدارة أعمال –جامعة لوجانو بسويسرا
باحث نانو إلكترونيات بمركز الأبحاث إيمك و مدرس مساعد بجامعة بروكسل ببلجيكا

كاتب فى مدونة من أوروبا البلد .. من مؤسسين مجموعة  " كتابنا " .. من مراسلين  الجزيرة توك

ما هو الفرق بين التعليم في مصر و أوروبا ؟

سئلت و بما أن الوقت لا يسع, و أظنك تعرف النتيجة مسبقا, فربما أشير لأفكار أراها جوهرية ولكن في نقاط السريعة:

1. في نشر الأبحاث العلمية
في مصر يوضع اسم الاستاذ ك كاتب أول ولو لم يقم بالعمل, وهو ما يعده الأوروبيون ”سرقة بالإكراه“, إذ المفترض أن اسم الكاتب الأول في البحث هو الذي قام بالعمل وغالبا هو الطالب و ليس الأستاذ. على أن تكتب الأسماء بترتيب العمل, ولا غضاضة في أن يكون الأستاذ آخر اسم في البحث المنشور.
و الخلاصة هنا, أن هذه تشعر الطالب بملكية عمله و بإنجازه في أوروبا, بينما في مصر يحترف الأستاذ ”الترقي“ و ”السرقة“ من الطلاب ”المقهورين“ بوضع اسمه على رأس القائمة.

2. في نظام الامتحانات
غالبا ما يكون 20% من الدرجة بحد أقصى على الامتحان النظري, بينما بقية الدرجة على الامتحان العملي و عرضه لبقية الطلاب. بمعنى آخر لو المادة مثلا من 5 درجات, فإن درجة منهم للامتحان النظري, و 3 درجات على محتوى المشروع العملي و جدواه, و درجة على طريقة عرضه. و أحيانا كثيرة تكون الدرجة كاملة على القدرة العملية.

3. في ترتيب الامتحانات و المواد
يسمح للطلاب بالتقدم لأي امتحان طالما أنهى الطالبا لمواد المؤهلة لتلك المادة, ولو كانت من سنة متقدمة دراسيا على التي هو فيها. فمثلا يسمح لطالب السنة الأولى أن يمتحن مع طلبة السنة الثانية طالما أنهى المواد المؤهلة لهذا الامتحان. و بالتبعية يفرز النظام طلبة لديهم القدرة على انهاء البرامج الدراسية في مدة أقل كثيرا قد تصل ل 50% من الوقت, متفوقين بذلك على أقرانهم من الطلبة العاديين.

4. في أهداف التعليم
قبل بداية دراسة المادة, يجبر المدرس على توفير المعلومات الازمة للتطبيقات المختلفة للعلم المنوط بدراسته, و كيفية تشابكه مع بقية العلوم, و كيفية تكاملهم للحصول على التطبيقات العملية. و بالتبعية, يعي الطالب من اليوم الأول لدراسة المادة أهميتها في مستقبله المهني او فوائدها الحياتية. بحيث لا تبدو المادة مفصولة عن الواقع.

5. في حداثة التعليم
تجد الأساتذة في أوروبا يعتذرون عن معلومة متأخرة عام, أو إحصائية لم يتم تحديثها في شهور قليلة, بينما لا يجد الأساتذة المصريون غضاضة بالفخر بأن المادة يتم تدريسها على تلك الشاكلة ل 40 عاما و ربما أكثر. بمعنى آخر, التعليم الغربي مواكب للصناعة و للتطورات البحثية, بينما التعليم المناظر له قد علته الأتربه هو واساتذته (إلا من رحم الله)

6. في احتياجات سوق العمل
معدل زيادة راتب الخريج في اوروبا و الغرب إجمالا لا تصل بالكاد ل 5% و ذلك بعد تقييم و مراجعة لأعماله في العام السابق. بينما في بلادنا العربية قد يصل معدل الزيادة في الراتب ل 10 أو 12%. و السبب يرجع في الأساس لسوء التعليم, إذ في الحالة الأولى يضمن صاحب العمل الحصول على متعلم كفؤ من النظام التعليمي و عليه لا يجد حاجة في رفع المرتب بشكل كبير, بينما في الحالة العربية هو يدرك أن الشخص الذي عمل معه لعام هو طالب تدرب في الأساس على القيام بالمهنة... لأنه حينما انضم للعمل معه لم يكن يملك إلا شهادة محو امية بالأساس, وفقدان العامل يعني بالضرورة البدء من الصفر.

7. في التجربة العملية للطلبة
يعتاد الطلبة على عمل مشاريع بحثية و عملية منذ العام الأول في دراستهم, بينما في مصر لا يقوم الطلبة بعمل مشاريع إلا في أعوامهم الأخيرة... وربما مشروع واحد عند التخرج و كفى.

8. في الترابط الصناعي التعليمي
أبحاث الطلبة في مشاريعهم النهائية في الغالب بدعم مباشر من شركات, و بالتبعية المشاريع في الأصل موجهة لأحدث الصناعات و آخر المشكلات التي تواجه الصناعة. في حين يطلب من طلبتنا في الغالب مشاريع نظرية أو ”معادة“ آلاف السنوات من باب قضاء الحاجة

9. في القوانين المصاحبة لعمل الطلاب
تفرد الدولة مساحة واسعة لأوضاع الطلبة العاملين, إذ يسمح للطالب بالعمل كجزء من دراسته, فمثلا في دولة كألمانيا تجد أوضاع عمالية للطلبة لإيفادهم من الجامعات للشركات ك : طالب عامل , طالب باحث, طالب متدرب. و الطالب العامل هو الذي يعمل في شركة مقابل أجر و لا يسمح له بالعمل أكثر من 3 شهور في العام, بحيث يعمل بالتجزءة بمعدل 20 ساعة اسبوعيا كحد أقصى. و الطالب الباحث هو الطالب الذي تسمح له الشركة باستخدام برامجها و أجهزتها لعمل بحثه. و الطالب المتدرب هو الطالب الذي تستقدمه الشركة لعمل بحث أو جزء من مشروع موجه لخدمة الشركة بالأساس. و بالتبعية يتخرج الطالب وهو فعلا منغمس في العمل الصناعي في الدولة

10. في القوانين المصاحبة لعمل الأساتذة
يحصل الأستاذ على راتب ثابت قليل و يضاف عليه متغير بحسب مشاركته الصناعة في أبحاث ومشاريع صناعية. بمعنى آخر يجبر الأستاذ على العمل بما يواكب الصناعة (وبالتبعية الطلبة) حتى يحصل على الراتب الذي يتمناه. و أيضا يخلق ذلك روح تنافسية بين الأساتذة نفسهم. يتمكن بعض الأساتذة أحيانا كثيرة من دعم أبحاثهم حتى تصل لأن تكون ”معمل بحثي“ أو ”مركز بحثي“ مصغر, يأخذ دعمه بشكل قانوني من الشركات و علاقاته الصناعية.

11. في نموذج الامتحانات
لا يعتمد على الحفظ مطلقا, و أحيانا كثيرة يكون الامتحان ”كتاب مفتوح“ أي بالإمكان اصطحاب ما شئت من الكتب, و شخصيا حضرت امتحانات ”انترنت مفتوح“ أي بإمكانك الاستعانة بالإنترنت, و أحيانا يسمح لك بعدد من الأوراق البحثية في الامتحان, و في أكثر الحالات قسوة على عقلي, سمح أحد الأساتذة بأن يتشارك كل صف من 4 طلبة حل الامتحان. و بالتبعية فإن الامتحان لا يقيس أي قدرات ذاكرة بقدر قدرات التحليل و استغلال الوقت الضيق و المصادر المتاحة لإنجاز مهمة الامتحان في وقتها.

12. في تكامل العمل
يبني الطالب على عمل كثير ممن سبقوه, أو على عمل موجود بالأساس في الشركة أو الجامعة. و بالتبعية يشارك في ”نهضة“ جامعته أو شركته أو الدولة. بينما في بلادنا, الطالب مطالب أن يبدأ دائما من الصفر, ربما عليه أن يضيع عاما حتى يجد النقطة التي سيبدأ منها, حتى يقرر المشكلة التي يريد أن يقوم بحلها و من ثم يبدأ لعام أو 2 آخرين. بينما قرينه الأوروبي يصل لنتيجة تعادل 10 أضعاف نتيجته في أقل من 6 أشهر.

و أخيرا أذكر, لكل قاعدة شواذ, وفي كل مكان نماذج تخرج على المعتاد. كنت أحب أيضا أن أقص بعض القصص كأمثلة على ما سبق, ربما يتبع... ربما لا!

و الخلاصة, أن الحضارة ”بناء“ يضع كل جيل فيه ”طوبة“ (درجة) واحدة لا غير, و يكمل كل جيل ما بدأه من سبقوه, ولو كان معدل البناء بطيئا, و المحصلة نهضة. رحم الله المجددين في بلادنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق